الأحد، 10 مارس 2019

قصة قصيرة 🖌مرآة وهم ...💻نونا محمد 📚

قصة قصيرة
( مرآة وهم )
.

كان ضئيلا منذ ولادته جسده لم يعرف كلمة الدهون أبدا ..
وكانت والدته تفخر به أمام صديقاتها..:
* سالم ابدا ماتعبني من يوم ماأتولد دايما ملابسه تفضل على قياسه ليت أخوانه زيه .
هي لاتعلم بأن تلك الميزة التي تفخر بها هي ذاتها سبب سخرية الآخرين عليه ..
وعندما بلغ العشرين من عمره تقدم للكلية الحربية وكان ذلك بإيعاز من والده ...
* ابغاك تدخل الكلية الحربية وتصير جندي يمكن جسمك يتنفخ شوية وتصير زي الأوادم فيك لحم مو شبح ..
وبمنتهى سخرية الحياة تم قبوله .
وما بين ليلة وضحاها بات مجندا وبدأ شعاع أمل ضئيل ينساب لأعماقه الهزيلة بأنه سيمتلئ لحما وشحما..
ولكن حتى ذاك الأمل الواهي إنطفات شعلته وتأكد مع مرور الأيام بأنه سيظل سالم الشبح.. كما إعتاد والده وإخوته وكل من يعرفهم بنعته به .

* خد الورد وروح أعطيها هو خليك قوي ..
* بس أنا عارف نفسي ماراح اقدر أنطق بكلمة قدامها ..
* ياواد روح البنت معجبة بيك لاتكون جبان وروح كلمها..
* إنتم متأكدين إنها معجبة بيا أنا ..
* أكيد طالع في المراية شايف عضلاتك مين تقدر تقاوم جاذبيتك  صدقنا..
وصدقهم وآمن بكلمات التشجيع التي ترددت على مسامعه منذ أن أخبرهم بحبه لها تلك الشقراء بعسليتي عينيها..
صدق بأنه عملاقا لايهاب المثول أمامها والإعتراف بحبه ورأى ماتَوهم بوجوده تلك العضلات وتلك الوسامة وذاك السحر .
وكان هو يقترب منها ويرتعش خوفا ..
وهم من خلفه يتضاحكون عليه ويستعدون لتصويره بأجهزتهم النقالة ونشرها كأجمل مشهد ساخر بلا تعليق .
هم مجندون مثله وهي مجندة من فرقة أخرى وكانوا دوما يجتمعون في قاعة الطعام الكبرى .
هناك رآها وأعجب بها بصمت وأحبها بوحدة قاتلة مابين قلبه ونفسه .
وذاك اليوم كان حفلا كبيرا بمناسبة إنتهاء فترة تجنيدهم ورآها واقفة هناك بثوبها الوردي 
وتقدم منها وهو يردد ..
* أنا ماعدت شبح أنا صرت بطل يا أبويا..

تنفس بعمق وكأنه يستنشق كل مافي الكون من قوة ..
وتقدم خطوة منها وهو يبتسم وفجأة كل شيء حدث سريعا ..
هي تنظر بهلع من خلفه وكل من حوله يتصارخون خوفا وفزعا ..
وهو لا يفهم شيئا سوى أنه بطلا وتلك الزهرات في يده لابد أن ترقد بسلام مابين كفيها هي ..
ولكن ماهذا الألم المفاجئ في صدره ولما قميصه الأبيض بات غارقا بلون أحمر قاتم.. ؟؟
هل ذاك دم ؟؟ أم أنه يهذي ؟؟
لما قدميه باتت ترتعشان ولم تعد تقويان على حمله ؟؟
هل بات ضخما لهذه الدرجة ؟؟
هو يسقط أم أن الأرض هي التي تقترب منه ؟؟
ونظر خلفه فوجد أصدقائه أو من كانوا يدعون صداقته ..
بضحكاتهم الساخرة وهم يحملون أجهزتهم النقالة ويصورونه جذلا وفرحا..

* ندى حبيبتي أنا ومافي أحد حيسرقها مني ولا إنت يا سالم الشبح ..!
أليس ذاك صوت " أحمد " قائد مجموعته .. ولكن لما يحمل مسدسا بيده ولما هم يمسكونه ويبعدونه عنه .. !!
وتساقط جسده على الأرض والدماء تسيل من جرح غائر في صدره جهة القلب ..
مات ولم يفهم بأنه كان طرفا من مكيدة خطط لها مجموعة مجندين أرادوا اللهو فقط حتى لو كانت حياته هي الثمن ..
عاش شبحا بلا ظلال ومات وهما برداء عملاق وظلت الإبتسامة تتراقص على شفتيه..
وكأنه يسخر من قسوة الحياة عندما تمنحنا وهما نصدقه كذبا فيترائى لنا إنعكاس صورتنا كحقيقة على مرآة دنيا بلا ضمير.

بقلمي نونا محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق