الأحد، 26 أغسطس 2018

انثى الياسمين✏ضياء الزير📚( 1 )

أنثى الياسمين ــ الجزء الأول
هذه قصة فتاة كانت و ما زالت من أجمل فتيات و نساء جيلها
تربت و ترعرعت في بيت صغير , و مزدحم فعدا أن سكان البيت كثر , فهذا أخوها تزوج في نفس البيت الصغير أيضا , و لا يخلو سكان البيت من المشاكل العائلية , لكنها كانت صغيرة لا تعي حجم هذه المشاكل , أو حتى قيمتها , فهي آخر العنقود كما يقال .
كانت كالياسمين , أريجها يفوح على جميع البشر , و عطرها يشتمه كل رجل يعرف معنى الأنثى الحقيقية . كانت تذهب إلى مدرستها مهرولة فرحة , كالفراشة تطير من مكان إلى مكان لا يهمها سوى مرحها و لعبها . و بدأت تتفتق أنوثتها أكثر فأكثر , و في هذا العمر تكون فيه أية فتاة جميلة , و أما هي فكانت ملكة جمال , بل أكثر , فأنوثتها تفجرت كالبركان , جسم نحيل قليلاً و سيقانها كأنهما عمودان من الرخام الإيطالي الصافي . أما بطنها فممسوح , و كأنها نجمة هوليودية , أما نهداها فمن الحجم المتوسط شامخان دائماً , كأنهما مرسومان بعناية , و فمها ليس كأي فم , فهو جميل ضاحك على الدوام , و ضحكتها كأنها مقطوعة موسيقية أسطورية , يعجز على تقليدها حتى بيتهوفن .
و شفتاها يذوب عليهما أقسى قلوب الرجال لرقتهما .
أما عيناها لامعتان ساحرتان , يخيل إلى الناظر أنه مأسور لا يستطيع الحراك عند النظر إليهما , كأنهما جوهرتان صافيتان نادرتا الوجود , في هذا الزمن الغادر . باختصار هي فتاة قل نظيرها من كل النواحي .
ذات يوم جاءت إليها أمها
الأم :غداً يا بنتي سيأتي عندنا خطَّاب , أريد منك أن تتجملي و تلبسي أحلى ما عندك لملاقاتهم , و لا تتكلمي إلا عند السؤال فقط
ــ الجميلة : ( حسب برائتها ) و ماذا يعني أن تزورنا هؤلاء النسوة و من هنَّ .
ــ الأم : يا بنتي أنت أصبحت امرأة , و هؤلاء يريدون أن يخطبوك لابنهم للزواج , و يجب على كل بنت أن تتزوج من عريسها و تعيش باقي عمرها معه .
البنت : و ما هو الزواج ؟ و ماذا يعني ؟
ــ الأم : سكتت برهة , ثم قالت :
ــ الزواج هو أن تستقرا و تنجبا أطفالاً , و تعيشا في تفاهم , فلا يعمر الكون بدون زواج , فالزواج استقرار و سكون .
سكتت الجميلة و لكن بدون أن تشفي تساؤلاتها .
جاء الخاطبون , و معهم العريس , و جلسوا يتسامرون , و فجأة جاءت الأم إليها , و قالت :
ــ احضري القهوة إلى الضيوف .
ــ الجميلة : حاضر
دخلت و الخجل يقطر منها , فهي لم تقابل أي شاب عن قريب و تقدم له سابقاً تقدمت إلى الشاب .
ــ تفضل
ــ شكراً
و أخذ القهوة و هو ينظر إليها , و شفته السفلى متدلية , و كأنه رأى تحفة نادرة .
خجلت هي و ذهب إلى كرسيها مقابل الشاب , و عيناها على الأرض لا تستطيع النظر أي أحد , و خصوصاً ذاك صاحب النظرة العجيبة , و فجأة قال لها :
ــ كيف حالك ؟
فنظرت إليه بتردد
ــ الحمد لله
ــ الشاب : و كيف حال دراستك ؟
ــ الجميلة : بخير , الحمد لله
ــ الشاب : يجب أن تعلمي أنه ليس عندي دراسة للبنات , و يجب عليك ترك المدرسة فور خطبتنا .
اعترى الجميلة شيءٌ من الرعب , و التعجب . فكيف لشاب أن يأمرها , و يفرض عليها طلباته , و هو  يراها للمرة الأولى , و في المدرسة أيضا , فالمدرسة هي حياتها و متنفسها .
و لكن سرعان ما استجمعت قواها , و نظرت إليه و هي تقول :
ــ المدرسة حياتي و أنا أحبها .
فرد عليها :
ــ قلت لك ليس عندي دراسة و انتهى .
و أرادت أن تجيب , و لكن هيهات فقد جاءها أكثر من رد .
ــ الأم : يا بنتي مالك و الدراسة ؟ فهي لن تغنينا .
ــ أم الشاب : لن تنفعك المدرسة , فغداً تتزوجين و تصبحين أماً .
ــ الأخت : اسكتي ... ماذا تأملين من الدراسة ؟ هل ستصبحين طبيبة مثلاً ؟
قالتها باستهجان و سخرية , فانهارت قواها , و لم تستطيع الإجابة و أومأت برأسها بالموافقة عن انكسار و استسلام .
و بدأت سلسلة المفاجآت , و أخذ الشاب يتكلم بحرية .
ــ جاءني زبون يريد باقة ورد جميلة , و باهظة الثمن , بنصف ثمنها , فما كان مني إلا أن طردته و قلت له كلاماً :
( ...... هي مو من مستواك يا ..... )
فاعتراها الذهول مما سمعت , ما هذه الألفاظ النابية , فهذه أول مرة يأتي بها إلى هنا , و بعدها اتفقوا جميعهم على الخطبة , و تحدد بعدها موعد العرس .
و جاءت ليلة الدخلة و أختها أمها إلى المزينة , و خرجت بعدها أجمل بنت في البلاد , و أجمل عروس يمكن أن تراها الأعين و رجعوا إلى البيت , و كل أفراد عائلتها فرحون , يغنون و يرقصون و هي . لا تعلم ما هو الزواج بعد , و لماذا هم فرحون بها و يقبلونها بمناسبة و بغير مناسبة , فما كان منها إلا أن تبسمت على مضض لتشاركهم فرحتهم بها . و أخدتها الأفكار لتتذكر أيام خطبتها , و كيف كانت البنات تتحدث معها , عن أيام الخطبة و لذتها , و هم يقولون :
ــ أروع الأيام أيام الخطبة , و أحلى الكلمات و أقوى حب في الخطبة , و لكن ما هو الحب , لم تجربه بعد , مع أن مدة خطبتها ليست قصيرة , و لكن ما كان يقول لها خطيبها ؟ يقول فقط :
ــ أحبك
و يطلب منها أن تقولها أيضا , و تقولها و ينتهي الأمر .
و يتحدث عن مستقبلهما , كيف سيتزوجان , و ينجبان الأولاد و هي توافقه .
و مرة أثناء زيارته , ذهبت أمها لتحضير القهوة , فاقترب منها و قرصها من فخذها , فشعرت بالألم , و أمسك يدها , و اقترب أكثر و قرصها من نهدها , فتألمت أكثر , و شعرت بالنفور , ثم اقترب أكثر و حاول أن يقبلها , فأبعدته بقوة و هي تقول :
ــ ستأتي أمي و ترانا , يجب أن تبتعد . و شعرت بعدها بأحد ما يقبلها من خدها و يقول :
ــ مبروك يا عروسة .
فالتفتت فإذا هي زوجة أخيها , قطعت شرودها لتنصحها و تهمس لها في أذنها :
ــ لا يجب أن تشردي في يوم زفافك أمام الناس . ما بك ؟
ــ الجميلة : لا شيء , كنت أفكر .
فانفجرت زوجة الأخ ضاحكة و هي تقول :
ــ أنت لا تعرفين شيئاً أبداً حسناً .
ــ أنصحك أن تتركيه يفعل ما يريد و كفى .
ــ الجميلة : في رعب و ماذا سيفعل ؟
ــ زوجة الأخ : لا تفضحينا , فقط اتركيه يتصرف كما يريد , هل فهمتِ ؟
و رجعت إلى شرودها بخوف , محدثة نفسها :
الحب في الخطبة قرصات في الفخذ و النهد و لم أشعر بغير الألم و الآن ألم آخر , هل هذا ما يقولون عنه ألم الحب و العشق ؟ لا أعرف , فلنترك كل شيء للمقدرات
 يتبع
#أنثى_الياسمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق