الخميس، 5 يوليو 2018

نص أدبي.. ✏محي الدين مهاويش

الأسماء الذوات والصفات في لغتنا العربية الجميلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتميز لغتنا العربية بميزات متنزعة وكثيرة منها الدقة في التعبير والوصف على خلاف ما كان يذهب إليه بعض المشككين في قدراتها من مستشرقين وأنصارهم، في اتهامات ونعوت تم تلفيقها عن جهل حينا وعن قصد حينا آخر، بخطط ومناهج مدروسة تستهدف اللغة كسلاح يدمر بالتالي الفكر والتاريخ والحضارة للأمة.. وعلى سبيل المثال لا الحصر: نعت لغتنا بالقصور وعدم مواكبتها للعصر والمتغيرات، وأنها ليست لغة قادرة على استيعاب العلوم، وكونها ليست دقيقة في الوصف والتعبير بدليل كثرة المرادفات، حسب رأيهم والآخذين به.. وعلى العموم إن أثر ووقع مثل هذه الطروحات بدأ يتلاشى تدريجيا، فالدراسات اللغوية واللسانية صنفت لغتنا ضمن أوائل اللغات الحية في العالم، رغم كل إنكسارات الناطقين بها وتفريطهم في خدمتها باستمرار لتواكب وتتطور وفقا لكونها كائنا إجتماعيا تنطبق عليه كل مواصفات الكائنات الأخرى، وخاصيات النمو والتجدد والتطور،حسب ما ذهبت إليه دراسات إجتماعية ولسانية عالمية حديثة..كما أن عيب كثرة المرادفات في لغتنا حجة مردودة على أصحابها، فالدراسات أيضا أثبت أنها نقطة قوة وخصوصية تمتاز بها العربية، هي ليست تكرارا وضعفا في التعبير والوصف بل هي الدقة ونوع من التميز المعجز، ودليلي على ذلك قول رمز من رموز البلاغة العربية سيدنا علي كرم الله وجهه: أنا الذي سمتني أمي حيدرة//أسد ضرغام وليث قسورة...........فهو يستعمل في هذا البيت كلمات مرادفات الأسد، فهل يشك أحد في قول علي أو بلاغته حين يستعملها في بيت واحد؟ وهل أخل ذلك بالمعنى والرسالة في المضون؟ لا ثم لا..إنه يبين بوضوح خاصية لغتنا الجميلة، خاصية الأسماء الذوات والصفات والتراتبية فيها، صعودا إلى أعلى الهرم ونزولا إلى أسفله، مثلا: فحيدرة إسم ذات على رأس الأسماء المتعددة، والأسد بحكم واو العطف ذات معطوفة، مرادفها، وضرغام إسم وصفتهما، وليث أيضا ذات معطوف على حيدر ة وأسد، وإن سألت بالتالي كيف هو هذا الليث نصفه بالقسورة، وفي القرآن الكريم يقول سبحانه تعالى: "كأنها حمر فرت من قسورة"..
وللإشارة، فقد جمع أحد العلماء العرب قديما ما يفوق الثلاث مائة مرادف كلمة الأسد، وأكد أنه سمع عن وجود ما يفوق خمس مائة مرادف له.. فما أجمل لغة الضاد لغتنا وعاء فكرنا..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محي الدين أمهاوش/طنجةمطنجةمح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق