الخميس، 22 نوفمبر 2018

الإنتظار بقلم / عدنان رجب ريشه

/ الإنتظار / 
انتظرت .. هناك طويلاً 
أرتدي عباءة الشوق 
أقف في المنتصف .. 
بين الحياة .. وبين الموت 
أترقب جدار الوقت .. 
علّه ينشق على حلم ٍ ..
بطعم الأمل

انتظرت هناك .. حيث الزمان 
ما زال جاثماً على صدر المكان 
وما زال حبله السري .. 
متصلاً بأحلامٍ مؤجلة ٍ .. 
تجلس على مفترق طرق ٍ ..
حافية القدمين

انتظرت هناك .. كبيتٍ مهجورٍ 
تصرخ فيه الأبواب العتيقة 
حيطانه تتنفس الحزن 
والنوافذ تبكي .. كأنها صلبت 
على أجفان الموت

* * *
انتظرت هناك .. حيث الإنتظار 
راح يمضغ كبريائي .. وفوضى الروح 
يصلبني على جدرانه في حفلةٍ راقصةٍ
يكتبني فوق رمال شطآنه ليلاً 
وفي الصباح .. أمواجه تمحوني

انتظرت هناك .. حيث الأماكن 
ترسم دمعها .. على خد الذكريات 
حيث الأماكن .. تتوه فيها الأحرف والكلمات 
انتظرت هناك .. حيث العبارات تضيع 
في أزمنة النسيان

انتظرت هناك .. أحيا بين خطأين 
خطأ البقاء .. وخطأ الرحيل 
أتعثر بأذيال الوقت 
أشكوه قلة حيلتي 
والعمر المسروق .. يلوح لي 
من بين القضبان

* * *
انتظرت هناك .. حيث الجراح 
بعثرت الحنين في أنفاق الروح 
وفي دهاليزها 
جعلتني .. كجملٍ صابرٍ في سفرٍ 
ظمئٍ .. يترنح في الصحراء 
من غير دليل

انتظرت هناك .. حيث لا حدود 
للأحلام .. ولا للألم 
انتظرت .. حيث بذور الحظ 
تنبت في أرضٍ .. 
وفي أخرى تموت

انتظرت هناك .. حيث الأشواك 
مزقت بيادر قلبي 
جرحت وجه الشمس 
انتظرت حيث الدروب .. سارت بي 
إلى حتفٍ .. من غير كفن

* * *
انتظرت هناك .. حيث الإنتظار 
ضباب .. توأم عتم الليل 
يفتح نوافذه .. على بوحٍ حزينٍ 
عيونه شاحبة .. تحجر فيها الصمت 
والدمع تكسّر

انتظرت هناك .. حيث الإنتظار 
تئن مقاعده 
معاول الوقت .. عبثت في التفاصيل 
جعلت الفصول كلها .. إلى خريفٍ 
إياك إياك من غدر الفصول 
مع حظٍ تعثر

انتظرت هناك .. حيث لوعة التمني 
أنهكها الحنين المأسور خلف الحكايا 
حيث وجع الحديث .. يأكل الروح 
وقد أسرف في البوح .. 
ثم طغى .. وتجبر

* * *
انتظرت هناك .. حيث للشمس 
عند المغيب .. ظل جميل 
حيث هناك .. طيور الشوق 
تغادر جنبات الوقت .. 
إلى ما وراء .. الورى

انتظرت هناك .. على حواف الفجر 
ألقي تعويذة العاشقين .. 
التي تتلى في لحظات الحزن 
التي ترتل .. في أوقات الأسى

انتظرت هناك .. على نار الإنتظار 
حسيراً .. كسيراً .. بائساً 
حيث الليل .. زرع ساعاته بؤساً 
وحيث السماء .. أنكرت نجومها 
وأطفأت ضوء القمر 
انتظرت هناك ، حيث الإنتظار لم يمت 
ولا متّ أنا

* * *
انتظرت هناك .. حيث النهايات المؤلمه 
جعلت الشروق كله .. إلى غروبٍ 
كأنما الكلام الذي يجب أن يقال 
قد قيل 
والأمر تمَّ .. وانقضى

انتظرت هناك .. وأنا أعلم 
أن بعض المصائب .. تتخفى في عباءتها 
الرحمه 
وأن النعمة تتستر في ثيابها 
المحنه 
انتظرت هناك .. وأنا على علمٍ 
أن حلالنا .. لا يخالط حرامهم 
ولا يمازجه 
وأعلم أشياء أخرى

انتظرت هناك .. وأنا على علمٍ 
أن بعض الحكايات .. تحكى 
وبعضها .. لا يحكى

* * *
انتظرت هناك .. حيث الإنتظار 
ألبسته ثوب صمتي 
رسمته على وجعٍ مفتوحٍ 
كتبته على أسطر الوقت 
في صفحات السنين 
أودعته دفتر العمر الحزين

انتظرت هناك .. وأنا أتوسد 
جمر نارٍ 
يغفو لظاها .. مع اختناق العبرات 
كأنما لفح وجهها .. رذاذ من مطر

انتظرت هناك .. حيث مرت السنون 
ونحن نعتقد .. أن الغد أحلى 
والآتي أجمل 
مرت .. ما بين قضاءٍ وقدر 
انتظرت حيث الموت .. يبقى سر الحياة 
وجواز سفر .

* * *
بقلمي / عدنان رجب ريشه /

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق