الثلاثاء، 26 مايو 2020


آخر الكلام ...
" للأذكياء فقط " "أوصياء الدين "
من الإبتلأت الذي يبتلي بها أي دين ، وجود فئة من المجتمع تدعي معرفة مرادات الله وحقيقة دين الله ، ولابد للجمبع السير حسب ما هم يعتقدون ويؤمنون ويشككون كلٌ فيما يعتقد ويؤمن ، علماً أن الله سبحانه وتعالى بعلمه وبفضله وبعدله سوف يحاسب الخلق على ما هم عليه من إعتقاد وإيمان ، ولا ينسون أن الحق خلق الخلق مختلفين في اللون واللسان والشكل وكذلك المعتقد " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " سورة هود 118- 119 ، ويعتقد بعض أوصياء الدين أنهم في الدنيا لهداية الناس طوعاً أو قصراً ، وينسون أو لا يعرفون ما سبق قوله من صاحب هذا الكون " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين" سورة هود 118، وهؤلاء يتدخلون في مراد الله ويدعون أنهم يدركون مراد الله ، وهذا ضلال فلا يوجد أحد من الخلق يعلم مراد الله ولو حتى الأنبياء ، فلو كان رسولي محمد ﷺ وهو خاتم الأنبياء والمرسلين يدرك مراد الله ما ذهب في العام السادس الهجري بالمسلمين من المدينة إلى مكه لأداء العمره وتحمل المشاق هو ومن معه "15 يوم سير في صحراء وحرارة وعواصف" ، فهل كان يعلم أن مراد الله سبحانه وتعالى ألا يؤدي العمرة هذا العالم ويرجع بذات المشقة ، وبعد أن يوقع على وثيقة بها بنود مهينة للمسلمين "وثيقة صلح الحديبة"
(صلح الحديبية (6 هجرية)
باسمك اللهم
هذا ما صلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو
واصطلحا على وضع الحرب بين الناس عشر سنين يأمن فيهم الناس ويكف بعضهم عن بعض ، على أنه من قدم مكة من أصحاب محمد حاجاً أو معتمراً ، أو يبتغى من فضل الله فهو آمن على دمه وماله ، ومن قدم المدينة من قريش مجتازاً إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله ، على أنه من آتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريش ممن مع محمد لم يردوه عليه ، وأن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ولا إغلال ، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخله ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه ، وأنك ترجع عنا عامك هذا ، فلا تدخل علينا مكة ، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثاً ، معك سلاح الراكب السيوف في القرب ولا تدخلها بغيرها ، وعلى أن الهدى حيث ما جئناه ومحله فلا تقدمه علينا ، أشهد على الصلح رجال من المسلمين ورجال من المشركين ) "فتحت مكه المكرمه في سنه 8 هجرياً عندما لم تحترم قريش هذه المعاهدة" .
ولمن يتعجب من هذا الكلام عليه أن يرجع ما فعله رضي الله عنه عمر بن الخطاب الغاضب من هذه المعاهدة وبنودها ، نقول هذا حتى يحترم القول كل من يتكلم في الدين معتقداً أنه يتكلم بمراد الله وأنه موجود على الأرض لهداية الخلق جبراً وقصراً ، وعندما هاجر ﷺ من مكه إلى المدينة المنوره "كانت تسمى يثرب" أصبحت مدينة بتعاليم الإسلام الصحيح ومنورة بحضرة رسول الله ﷺ ، ومشهور بين الكثيرين أن رسول الله ﷺ قد آخا بين الأوس والخزرج " أكبر قبيلتان في يثرب كانتا في حرب ونزاع سنوات طويلة" ، ولا يذكرون أن العمل الأهم كان وثيقة المدينة والتي عقدها رسول الله ﷺ للتعايش بين كل فئات سكان المدينة من مسلمين ويهود ومسيحين وملحدين ، وثيقة تمثل قانون يخضع له الجميع بإختلاف معتقداتهم ، وهي عرفت في التاريخ الإسلامي بدستور المدينة المنورة ، ودستور المدينة أو صحیفة المدینة تعتبر أول دستور مدني في تاريخ البشرية ، تمت كتابته فور هجرة وحضور النبي ﷺ إلى المدينة المنورة ، وقد ذكرها بكل تقدير المؤرخون والمستشرقون على مدار التاريخ الإسلامي ، واعتبرها أغلبهم مفخرة من مفاخر الحضارة الإسلامية ، ومَعلَماً من معالم مجدها السياسي والإنساني وكُتب في نهايتها: "وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم ، وأنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو آثم ، وأن الله جار لمن بر واتقى ، ومحمد رسول الله ﷺ ".
كتبتُ هذا الكلام رداً على من هاجم بدون علم ، لما نصحت مرة محدثتي المسيحية بأن تصلي لله بإخلاص معتقدها المسيحي كما أنا أصلي لله بإخلاص معتقدي الإسلامي ، ثم الله بعدله ولطفه يحكم بيننا يوم القيامة أما في الدنيا فكلٌ يبعد الله كما يهديه عقله ، وكأن من هاجمني يعتقد أنه فقط المؤمن بالله وعنده العلم والمعرفة وأما غيره فكافرين بالله لذلك يقدم لهم النصح ، لأنه موجود في أرض الله ليهدي العباد بأي وسيلة طوعاً أو قصراً ، وهذا أسلوب تعودنا عليه من الإخوان وبعض السلفين ، وأنا أقول له ولكل من يسير بإعتقاده هذا ، هل من الأفضل أن يعيش الناس في الحياة بمنطق الحب والإحترام أم الأفضل أن يعيشون بمنطق الكراهية والبغضاء ، وهل من الأفضل أن نعيش ومع إختلاف المعتقد بيننا وينظر كل منا للأخر بالود ، أم الأفضل أن ننظر ونتربص لبعضنا البعض بالكراهية ، لا شك أن المجتمعات المستقرة تخضع لمفهوم لا يعرفه أوصياء الدين ، ففي المجتمعات المستقرة والمتطورة والتي نأكل نحن من إنتاجها ونلبس نحن من ثيابها وفي بيوتنا نحن الأجهزة المدنية من إختراعاتها هم الذين يعملون وأغلب شعوبنا من عملهم ينتفعون ، بل قل حتى سجادة صلاتك والمسبحة تأتي لنا من عندهم ، وإذا قال لك أحدهم لقد سخرهم الله لنا قل له أنت لست فقط جاهل بحكمة الله بل ضال ومضل ، ولا تعرف حقيقة الحياة ، فنحن في حاجة أن ينظر الناس لبعضهم البعض نظرة إحترام وتقدير وليست نظرة حقد وكراهية وإستعلاء ، فأنا مسلم وأحمد الله على إسلامي ومؤمن بالله الواحد الأحد الفرد الصمد ونبي سيدي ومعلمي آخر الرسل والأنبياء محمد بن عبد الله ﷺ وكتابي القرآن الكريم هدى ونور للعالمين ، والأخر على غير ديني وهو أيضاً مؤمن بنفس الإله الواحد الأحد على شريعة نبيه عليه السلام المرسل أيضاً من عند الإله الواحد ، ولا يكتمل إيماني إلا بإيماني بكل الأديان السابقة على الإسلام وكذلك بالكُتب التي أنزلها الله من قبل القرآن الكريم هدى ونور ، وهكذا ينظر كل منا إلى الأخر نظرة إيمان مع إختلاف التوجه ، الكل يؤمن بالإله الواحد على شريعة كل نبي هو آمن به ، أهذا أفضل ويفيد المجتمع ويعم بين أفراده الأمان والإيمان ، أم من الأفضل أن أنظر إلى غيري والمختلف معي في الدين على أنه كافر وأنا فقط المؤمن ، ويبادلني هو ذات النظرة على أنني كافر وهو المؤمن فقط ، وتسود الكراهية أفراد المجتمع ويسود الشك بينهم في داخل نفس كل منهم ، فيصبحو كما نرى في بلادنا العربية أننا نقلد الأخرين في المدنية وترتيبنا في زيل دول العالم المتحضر في الحضارة الحقيقية ، كتبت مرة أن جامعة جورج واشنطن الأمريكية قدمت إستبيان بين 163 دولة ، أيهم يطبق التعاليم الإسلامية وليست العبادات من حيث عدد المصلين مثلاً فلا يستطيع أي مؤشر أن يقول هذه الصلاة مقبوله أم لا ، ولكن أخذوا 95% من حقيقة الإسلام وهي المعاملات والأخلاق "5% من الإسلام عبادات ، 95% منه معاملات وأخلاق " ، وكما أن كل ما قاله رسول الله ﷺ في حياته الشريفه على الأرض التي بلغت 61 سنه ميلادية و 45 يوم أو 63 عاماً هجرياً و 5 أيام ، " 60 الف حديث منهم الفان فقط في العبادات و58 الف حديث في المعاملات والأخلاق " ، والمذهل أن الدول التي احتلت المراكز الأولى في تطبيق مفهوم الإسلام الحقيقي لم تكن لا دولاً إسلامية ولا عربية ، وأول دولة إسلامية جاءت في الترتيب كانت ماليزيا وتحتل رقم 30 بين الدول وأول دولة عربية إسلامية كانت الكويت وتحتل رقم 44 والسعودية التي نزل فيها الإسلام تحتل رقم 133 ومصر تحتل رقم 151 ، معقول هذا؟ نعم معقول ، إبحت عن الرِشوة والمحسوبية وعدم إحترام الإنسان وعن الواسطة ، هنا سوف تجد أن هذا الإستبيان صحيح ، نحن في حاجة إلى تغير نظرتنا إلى بعضنا البعض وإلى الحياة ، مع إعادة فهمنا للأديان ومراد الله للحياة والبعد عن هؤلاء الجهلاء الذين يدعون إلى كراهية الأخر وهذا ما لا يريده الله ذو الجلال والإكرام ، والقول لهم إصمتوا لا رحمكم الله ولن تخدعنا منكم الذقون يا منغلقى العقول.
   ا.د/ محمد موسى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق